علاقة بلاد العرب بالبحــث العــلـمي
Arab Nations & the Scientific Research

By: Khaled El Shahid
 Editor in Chief , Arabica TV


 
بات من السهل على الباحثين في العالم ، نقد و دراسة أسباب تقدم أو تخلف أي شعب أو أمة، من خلال ما تساهم به من أبحاث و نتائج و ميزانيات في البحث العلمي. و منطقتنا العربية، كأي منطقة في العالم تبحث لها عن هوية و دور للبحث العلمي فيها: هل بلادنا مجرد مستقبل للتكنولوجيا المصدرة إليها من العالم المتقدم فقط؟ أم انه يجب أن يكون لها دور أكثر ايجابية  فيما تستهلك من تكنولوجيات مستوردة ، لم تساهم و لو بالقدر القليل في إنتاجها، بشكل مباشر أو غير مباشر، و تجتهد فقط في محاولة فهم طرق استخدامها.

ما دعاني للكتابة في هذا المجال هو التقرير السنوي الذي يصدره أحدى المؤسسات التابعة  لمنظمة الأمم المتحدة و فيه يظهر، و للأسف، بجلاء مدى تخلف المنطقة العربية عن مواكبة ركب البحث العلمي و مدى ضآلة الميزانيات المخصصة له في أغلب البلدان العربية، قياسا بالناتج الإجمالي للدخل القومي.

من واقع قربي من أكثر من جهة تعمل في كندا في مجالات ترتبط بشكل أكاديمي أو بشكل صناعي بالبحث العلمي، أرى أن المعادلة التي يعمل بها العالم الغربي و بعض البلاد الآسيوية حاليا والتي تتلخص في جملة واحدة: " ربط البحث العلمي بالتصنيع" هي المفتاح السحري للتقدم المذهل الذي نعيشه الآن. و مفهوم التصنيع هنا لا يقتصر على الصناعة فقط ولكنه يشمل أيضا الطب والزراعة و يشمل أغلب نواحي الحياة البشرية بما في ذلك الفنون و الإعلام و السينما و غيرها ( و أغلبها يعتبر حاليا صناعة ).

إذن لم يعد "البحث العلمي رفاهية كما كان،و لم يعد يتم من أجل البحث العلمي في حد ذاته فقط"  كما هو الحال في أغلب بلادنا العربية حاليا ( لذر الرماد في العيون) ، و إنما أصبح هناك هذا الرباط القوي الذي ربط التقدم البشري بتقدم البحث العلمي.

لقد شاركت كمهندس نظم حاسبات في التجهيز التقني  للمبنى الجديد لكلية الهندسة قسم حاسبات  في جامعة ماكجيل  في مونتريال - كندا منذ حوالي 4 سنوات، ما يهم في القصة هو أن جزء كبير من تمويل بناء هذا المبنى الجديد عبارة عن هدية من رجل أعمال كندي أسمه "
Lorne Trottier " قام بالتبرع للجامعة بمبالغ تصل الي 22 مليون دولار كندي من حسابه الشخصي، و ذلك تقديرا لدور البحث العلمي في الجامعة على شركته و ذلك من خلال التوصل إلي اختراع كارت شاشة متطور جدا Advanced Computer Video card ، قامت شركته "Matrox" بإنتاجه و تسويقه على مستوى العالم، و كسبت من وراءه الملايين، و لم يتوان في رد الجميل للجامعة بهذا التبرع. هذا مثال من أمثلة بالآلاف في كل البلاد المتقدمة التي ربطت البحث العلمي بالتصنيع.

و لعل في تجربة "ماليزيا" هذا البلد الآسيوي العظيم في مجال البحث العلمي، الذي جعلها اليوم تصنف  خارج حدود الدول المسماة مجازا "دول في طور النمو - Developing Countries" كما يحلو للغرب أن يسميها، بعد أن كانت لعقود طويلة تسمى البلاد النامية. ماليزيا اليوم أصبحت قاعدة للبحث العلمي في منطقة آسيا و لها بعض التخصصات في البحث العلمي لا يضاهيها فيها حتى مراكز الأبحاث في العالم الغربي، و أصبحت قبلة للكثيرين من طالبي العلم من الغرب و من الشرق سواء ، كل ذلك تم في أقل من 30 سنة ..... رجال أخلصوا لأوطانهم قبل إخلاصهم لأنفسهم و لمصالحهم الشخصية.

و لأنني لم أعتد الطرح العام للمواضيع بدون محاولة البحث عن الحلول، فلقد وجدت (من وجهي نظري المتواضعة)
أن الحلول تكمن في بعض النقاط، أحاول أن أعرضها فيما يلي :

1- أولا و ثانيا و ثالثا و ....: ربط البحث العلمي باحتياجات المجتمع و من ثم البحث عن مصادر لتمويله، تستفيد من النتائج التي يتوصل إليها الباحثون لحل مشكلة ما بعينها أو تطوير منتج ما.

2- البدء من عند آخر نقطة وصل إليها الآخرون، " لا تحاول اختراع العجلة - Don't reinvent the Wheel"

3- الاستفادة من كل الطاقات البشرية العلمية العربية الهائلة، المتواجدة في البلاد الغربية و التي تتمنى أن تخدم بلادها من قلبها، و إنهاء حالة التحفز الأزلي بين علماء الداخل و علماء الخارج (إذا صح التعبير).

4- التخلي عن فلسفة "كله تمام" و التخلص من مرض "تلميع القشرة الخارجية"، لأننا لن ننهض بالتركيز على القشور الخارجية و ترك لب المواضيع.

5- التغيير من داخل أنفسنا "كل واحد فينا يقدر" لأننا فعلا يجب أن نتكاتف و نتعاون لنصل، و إلا فمصيرنا  "إلي آخر طابور البشرية مقاما و مقعدا... إن لم نكن هناك أصلا منذ زمن بعيد"

الصورة ليست كلها قاتمة، فالأمل قائم إذا خلصت النوايا، و هناك بشائر "و لو على استحياء" لنهضة بحث علمي في بعض الدول العربية و أخص بذلك بعض دول الخليج، التي بدأت تفكر بأسلوب  منهجي مختلف" من خارج الصندوق - Out of the Box" كما يقال، و تقوم حاليا باستقطاب العلماء من أركان الدنيا الأربع لإنشاء ركيزة بحث علمي لديها، لحل المشاكل و التطوير في مجالات الطاقة وبعض المجالات الطبية و مجال النانوتكنولوجي.

مهندس / خالد الشهيد
فبراير 2009

للأذكيـــاء فــقــط:

-"إذا أردت أن تتعرف على أحد أسباب استمرار أوجاع الناس في بلادنا، قم بالتحاور مع فئة من المسئولين، ممن عقدت عليهم الآمال ليكونوا أحد الأسباب المساعدة على نهضة بلادنا،  لتكتشف و بسرعة أنهم أحد الأسباب الرئيسية على توطن التخلف فيها".

- "لو كانت تكنولوجيا تطوير الجينات البشرية متاحة حاليا: لطالبت العلماء بتعديل كل الجينات المسببة لأمراضنا و عقدنا النفسية، و لكن  و للأسف هذه التكنولوجيا  لم  تتطور بعد إلي هذا الحد  ... إذن فالأمل الوحيد في التعديل يكمن في داخلنا فقط".

- " حينما تريد العلاج تذهب الي الطبيب، و حينما تريد تصليح السيارة تذهب للميكانيكي المتخصص في نوع سيارتك، هذا ما أفهمه،  و لكن  بصراحة ما لا أفهمه هو هذا السيل الرهيب من الفتوى في أمور الإسلام و أحوال المسلمين في الداخل و الخارج من بعض الإعلاميين العرب في كندا، ممن لا تزيد معرفتهم بالمواضيع التي يكتبون فيها عن معرفتهم باللغة  الصينية.  و  مما يزيد العجب: هو عدم  خوضهم  من قريب أو من بعيد  في المواضيع التي تخص الأديان التي يدينون بها!!  بماذا نسميه: هل نسميه "جهلا" أم نسميه "غرضا خبيثا في نفس صاحبه"؟؟؟ أترك الحكم لسيادتكم."

 


Arabica TV in Canada

Tel: 514 907 1311
Fax: 514 762 0126

info@arabicatv.com

 
     

Arabica TV - All Rights Reserved 2007 - 2009.